Image 1

متحف سجون داعش يوثق مجزرة الشعيطات في محافظة دير الزور

أكبر مذبحة لداعش في سوريا... ۸۱٤ ضحية

متحف سجون داعش - برلين، مارس 2025

ضمن سلسلة من التحقيقات والشهادات الموثقة حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا، نشر متحف سجون داعش تحقيقًا شاملًا حول مجزرة الشعيطات التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في أغسطس 2014 في ريف دير الزور.

هذه هي المرة الأولى التي تُنشر فيها مثل هذه الدراسة المستفيضة. وهو يفصّل سياق المجزرة وخلفياتها وعواقبها، ويتتبع أحداثها يومًا بعد يوم، ويبحث في العنف الوحشي الذي وقع فيها. هذا التحقيق الخاص الذي أعده الباحثان ساشا العلو وأيمن العلو قاما بتجميع وتحليل جميع بيانات ضحايا المجزرة بشكل منهجي، وربطها بسجلات المقابر الجماعية. واعتمد التحقيق على عشرات المقابلات المرئية والمسموعة مع من شهدوا الأحداث، بمن فيهم الناجون وأقارب الضحايا وزعماء القبائل.

تعتبر مجزرة الشعيطات واحدة من أكبر عمليات القتل الجماعي في سوريا. حيث بلغ عدد ضحاياها أكثر من 814 ضحية مؤكدة، مما يجعلها من حيث العدد، ثاني أكبر مجزرة في سوريا منذ عام 2011 (الأولى كانت الهجوم الكيماوي الذي نفذه نظام بشار الأسد في الغوطة في أغسطس 2013)، وثالث أكبر مجزرة في تاريخ سوريا الحديث (الأولى هي مجزرة حماة التي ارتكبها نظام حافظ الأسد في فبراير 1982). كانت مجزرة الشعيطات أكبر الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش في سوريا. ولا يزال عدد الضحايا يتزايد حتى يومنا هذا. تركت المجزرة أثرًا لا يمحى في ذاكرة عشيرة الشعيطات والذاكرة الجماعية السورية.

تقدم الوثائق والأبحاث التي أنتجها متحف سجون داعش سرداً شاملاً لجميع الانتهاكات المرتبطة بمجزرة الشعيطات بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإعدامات. وقد ارتُكبت العديد من هذه الانتهاكات في عشرات السجون التي أُنشئت في منازل وممتلكات العشيرة وممتلكاتها الأخرى خصيصًا لاحتجاز أفراد العشيرة. يتضمن التحقيق جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد لثلاثة مواقع احتجاز. وتُستخدم هذه المواقع كنماذج للعديد من السجون الأخرى التي أنشأها تنظيم داعش في أراضي الشعيطات. تم تصوير هذه الجولات في فترات مختلفة وتحليلها معماريًا وإعادة بنائها رقميًا لتوضيح ما حدث داخلها أثناء سيطرة داعش. أُعيد بناء مسرح الجريمة بناءً على شهادات تسعة ناجين.

ويقدم التحقيق أيضًا قائمة بـ 22 موقعًا تم اكتشاف مقابر جماعية فيها. وقد احتوت هذه المقابر على جثث أو رفات أفراد من الشعيطات أعدمهم تنظيم داعش بطرق مختلفة بين 3 أغسطس/آب و30 أغسطس/آب 2014. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن التحقيق 19 شهادة مسجلة - بالصوت والصورة - بعضها من ناجين من سجون داعش في منطقة الشعيطات، والبعض الآخر من نساء فقدن أفراداً من عائلاتهن في المجزرة.

وقد تعاون متحف سجون داعش في هذا التحقيق مع جمعية أسر ضحايا الشعيطات التي كانت قد أجرت في السابق إحصاءً لعدد الضحايا. قام فريق المتحف بإعادة تحليل هذه البيانات، مع دمج الوثائق والصور التي قدمتها الجمعية، لبناء صورة كاملة للمجزرة - تكريمًا للضحايا ودعمًا لعائلاتهم وحفظًا للسجل التاريخي لحدث يحمل خصائص الإبادة الجماعية. ويهدف هذا الجهد إلى تعزيز الإجراءات القانونية الدولية ضد أعضاء التنظيم السابقين والمساهمة في تحقيق العدالة.

العدالة تبدأ بالاعتراف

يقول عامر مطر، مدير متحف سجون داعش:
"نعمل في متحف سجون داعش على جمع الشهادات الحية وتحليل الأدلة الجنائية وتوثيق قصص الضحايا وعائلاتهم لتسليط الضوء على جرائم ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وحفظها في الذاكرة الجماعية. كما نركز أيضًا على توفير منصة للعائلات لمشاركة معاناتهم مع تعزيز الجهود القانونية لمحاسبة الجناة على هذه الفظائع."

ويؤكد مطر على أن "توثيق مجزرة الشعيطات ليس مجرد جهد أرشيفي بل خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة ومنع تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل."

ويحثّ "جميع منظمات حقوق الإنسان والإعلاميين والمؤسسات الدولية على التعاون معنا في التوعية بهذه القضية وضمان تحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم. نحن نؤمن بأن العدالة تبدأ بالاعتراف، ونحن ملتزمون بإبقاء هذه الجرائم في مقدمة الوعي العام مع دعم الجهود المحلية والدولية لملاحقة الجناة".

إعادة التوثيق والتصحيح السردي

يقول الباحث ساشا العلو الذي عمل على التحقيق في مجزرة الشعيطات: "رغم مرور أكثر من عشر سنوات على الحدث، والجهود القانونية والإعلامية الكبيرة التي بُذلت لتغطيته، إلا أن جوانب كثيرة من المجزرة ظلت غير واضحة في السابق - خاصة فيما يتعلق بالتوثيق ودقة السرد. لم تحظ المذبحة بدراسة وتوثيق منهجي كافٍ، سواء فيما يتعلق بالشرارة الأولى أو ملابساتها أو سياقها التاريخي الأوسع. وعلاوة على ذلك، لم يتم بعد وضع جدول زمني واضح ومدعوم جيدًا للمجزرة استنادًا إلى سجلات وتواريخ وشهادات شاملة".

وتضيف العلو: "لا تزال البيانات والأرقام المتعلقة بالضحايا إشكالية بسبب التباين بين المصادر المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، لم تستكشف الدراسات السابقة بعمق كافٍ عواقب المجزرة أو أشكال العنف المختلفة التي حدثت على مدى أطر زمنية مختلفة - وخاصة العنف الأدائي الذي استخدمه تنظيم داعش في تنفيذ المجزرة، والذي عكس فلسفة "إدارة التوحش" التي اتبعها التنظيم أثناء توسعه وفرض نفسه كقوة حاكمة في أجزاء من سوريا والعراق."

ووفقًا للعلو، يهدف التحقيق إلى "إعادة توثيق وإعادة بناء الحدث، وتنقيح روايته، وتوفير قاعدة معرفية لجهود مستقبلية متعددة - لا سيما الإجراءات القانونية التي لا تزال عالقة بسبب العدد الكبير من المفقودين واستمرار اكتشاف المقابر الجماعية. وعلاوة على ذلك، شارك العديد من الأفراد في هذا الحدث، وهو ما يشكل جزءًا من طريق طويل نحو تحقيق العدالة".

ويخلص العلو إلى أن "هذه الدراسة تساهم في إرساء أساس معرفي متين يمكن أن يدعم مواصلة البحث في سلوك داعش في سوريا، وكذلك التفاعلات الاجتماعية والعسكرية المحلية خلال فترة سيطرته".



EN